استثمر بذكاء؛ كل ما تحتاج معرفته حول عائد الاستثمار (ROI)

رجوع

في عالم الأعمال والاستثمار، لا يوجد مفتاح سحري لضمان النجاح المالي، إنما هو عالم معقد يتطلب رؤية قوية واستراتيجية محكمة وتحليل دقيق والعديد من الأمور الأخرى الشخصية والمهنية. فالحصول على نتائج مربحة ليس مجرد حظ عابر أو  فرصة عشوائية، بل ينبغي أن يكون لكل قرار استثماري تأثيره وفوائده المحتملة، وهذا ما يعرف بـ "عائد الاستثمار" أو ما يصطلح عليه اختصارًا بـ "ROI". وبالتالي، من خلال تحليل عائد الاستثمار، يمكن للمستثمرين والشركات والمديرين أن يحددوا ما إذا كانت استراتيجيتهم المالية تعود بالفائدة المرجوة أم أنها تحتاج إلى تعديلات.


في هذا المقال، سنستكشف عالم "ROI" وما يرتبط به من تفاصيل مثيرة للاهتمام، وسنتعرف على أساسيات هذا المفهوم، وأهميته في تقييم الاستثمارات واتخاذ القرارات الحكيمة. كما سنتطرق للعوامل التي تؤثر على قيمة "ROI" وكيفية حسابها بدقة. بالإضافة إلى تسليط الضوء على أمثلة عملية ودراسات حالة توضح قوة وفاعلية عائد الاستثمار في مجالات مختلفة.


ما هو عائد الاستثمار (ROI)؟


عائد الاستثمار (Return on Investment) هو نسبة المكسب أو صافي الربح المحقّق من استثمار معين إلى تكلفته. حيث يعبّر "ROI" عن العائد النسبي على الاستثمار الذي تم إجراؤه. ويعتبر أحد الؤشرات المهمة التي تستخدمها الشركات ورواد الأعمال لقياس وتقييم فعالية الاستثمار وقدرته على تحقيق العوائد المتوقعة.


كيفية حساب عائد الاستثمار (ROI)


عند سماعنا كلمات مثل "حساب"، "قياس"، "معادلة"، "استثمار"، "ربح صافي"، "عائد"، قد يتبادر إلى أذهاننا أن الأمر سيكون معقدًا وصعب التطبيق، وأنه يتطلب مهارات خاصة. لكن لا داعي للقلق، إليك طريقة بسيطة جدًا لقياس أو حساب معدل العائد على الاستثمار. 


تعتمد طريقة حساب "ROI" على تقدير العائدات وتكلفة الاستثمار بطريقة دقيقة، وتطبيق المعادلة التالية:

عائد الاستثمار = (الإيرادات - التكلفة الأصلية للاستثمار) / التكلفة الأصلية للاستثمار

أو 

عائد الاستثمار = صافي الربح (الناتج عن خصم تكاليف الاستثمار من الإيرادات) / التكلفة الأصلية للاستثمار


على سبيل المثال:

إذا قمت باستثمار مبلغ قدره 10,000 دولار في مشروع ما، وبعد شهر حققت دخلا قدره 12,000 دولار، فإن العائدات تكون 12,000 دولار - المبلغ الأصلي المستثمر 10,000 دولار = 2,000 دولار. وبالتالي، سيكون ROI = (2,000 / 10,000) = 0.2


ويمكن تحويل النتيجة إلى نسبة مئوية عن طريق ضرب نتيجة العائد بمائة. هذا يساعد في توضيح النتيجة على شكل نسبة مئوية بدلاً من قيمة مطلقة.

ROI = (2,000 / 10,000) × 100 = 20


وبالتالي، يكون عائد الاستثمار في هذا المثال هو 0.2 أو 20٪.


وهكذا يمكن استخدام عائد الاستثمار لمقارنة الاستثمارات المختلفة واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.


هذا كان فقط مثالا لتوضيح كيفية حساب العائد على الاستثمار عمليًا، وإلاّ فالأمر ليس ثابتا عندما يتعلق بتقدير العائدات، لأن السوق تتأثر بحسب ظروف كثيرة. وبالتالي، النتائج قد تختلف بناءً على تقلبات السوق وطبيعة النشاط المعني ومدة الاستثمار وعوامل أخرى. فالاستثمار في العقارات على سبيل المثال يختلف عن الاستثمار في شراء وبيع السلع أو سوق الأسهم. للتوضيح أكثر تابع الأمثلة التالية:


  • حملة تسويقية:


إذا أنفقت مبلغًا معينًا على حملة تسويقية وحققت زيادة في المبيعات، يمكن حساب "ROI" بتقسيم الربح الإضافي الناتج عن الحملة على تكلفة الحملة.

لنفترض أن لديك مطعما صغيرا وترغب في زيادة عدد الزبائن الذين يأتون إلى المطعم. قررت الاستثمار في حملة إعلانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لترويج المطعم وجذب المزيد من الزبائن.

قمت بتعيين خبير تسويق إلكتروني لإنشاء حملة إعلانية فعالة وإدارتها لمدة 3 أشهر مقابل راتب شهري قدره 2000 دولار. بعد انتهاء فترة الثلاثة أشهر، قررت تقييم أداء الحملة الإعلانية ومدى تأثيرها على الأرباح.

اكتشفت أن الحملة الإعلانية ساهمت في زيادة عدد الزبائن وزيادة الإيرادات. حيث قدرت الإيرادات الإجمالية التي تم تحقيقها خلال فترة الثلاثة أشهر بقيمة 8000 دولار.


لحساب عائد الاستثمار (ROI)، نستخدم المعادلة التالية:

ROI = (الإيرادات - تكلفة الاستثمار) / تكلفة الاستثمار × 100


وبالتالي، حسب معلومات هذا المثال:

صافي الربح = إيرادات فترة الثلاثة أشهر (8000) - تكلفة الاستثمار (2000 × 3)

حيث إن تكلفة الاستثمار هي راتب خبير التسويق × عدد الأشهر = 2000 × 3 = 6000 دولار

أي

8000 - 6000 = 2000 $


باستخدام المعادلة:

ROI = 2000 / 6000 × 100 = 33.33333%


بالتالي، يكون عائد الاستثمار (ROI) لحملة الإعلانات الإلكترونية خلال فترة الثلاثة أشهر هو ما يقارب

33.34%


وهكذا تستطيع الحكم على هذه التجربة الاستثمارية بشكل أدق وأن تقرر بناء على نسبة العائد ما إذا كان يناسبك تمديد هذا الاستثمار أو التوقف عنه.


  • في الاستثمار العقاري:


إذا قمت بشراء عقار وكنت تأجره، فيمكن حساب "ROI" عن طريق قسمة صافي الدخل السنوي (الإيجارات الإجمالية - التكاليف العامة) على قيمة الاستثمار الإجمالية (سعر الشراء + تكاليف الصيانة والترميم).


  • الاستثمار في الأسهم:


إذا اشتريت سهمًا وبعته في وقت لاحق بربح، فيمكنك حساب "ROI" بتقسيم الربح الصافي على قيمة الاستثمار الأصلية.


  • توسعة نشاط تجاري:


إذا قمت بتوسعة محلك الحالي مثلا، أو فتح فرع جديد، يمكنك حساب "ROI" عن طريق قسمة الربح الصافي الإضافي الذي تم تحقيقه بسبب التوسعة على قيمة التكلفة الإضافية التي تم إنفاقها على التوسعة.


  • تحسينات في عملية الإنتاج:


إذا قمت بتنفيذ تحسينات في عملية الإنتاج وأدّت إلى توفير تكاليف أو زيادة إنتاجية، فيمكن حساب "ROI" عن طريق قسمة الوفورات أو الزيادة في الربح على تكلفة التحسينات.

هذه أمثلة عامة على كيفية استخدام "ROI" لقياس العائد على الاستثمار في مجال الأعمال، ويمكن تطبيقها على مجموعة متنوعة من الاستثمارات والمشاريع.



ما أهمية عائد الاستثمار (ROI)


ندرك جميعا أنه قبل الشروع في أي استثمار جديد، نحتاج إلى تخطيط وتحليل وإعداد دراسة جدوى خاصة به، ثم تقييمه وقياسه لمعرفة ما إذا كان المشروع يتجه في الطريق الصحيح نحو تحقيق الأهداف المراد تحقيقها أم لا. ومن بين الأدوات الفعالة والتقنيات المفيدة التي تساعدنا في هذه المهمة هو تطبيق نظام العائد على الاستثمار. يوفر هذا النظام معلومات قيمة للمستثمرين كأفراد وللشركات على حد سواء، ويعد أحد الطرق المهمة لقياس الكفاءة المالية، كما أنه يؤشر على مدى قدرة الشركة على تحقيق الأرباح من الرأسمال المستثمر.

إليك بعض المزايا التي تجعل نظام العائد هامًا:


  • تقييم العمليات والمشاريع:


يمكن استخدام "ROI" لتقييم العائد المتوقع عند تنفيذ مشروع جديد أو تطوير عملية معينة. حيث يمكنك توظيف "ROI" لتحديد ما إذا كانت الجهود المالية والموارد تستحق الاستثمار. على سبيل المثال، إذا افترضنا  أنك تريد القيام بتطوير حملة إعلانية جديدة لمنتج معين، فباستخدام "ROI" يمكنك تقييم ما إذا كانت التكاليف الإضافية للحملة ستستحق الاستثمار من حيث العائد المتوقع أم لا. فإذا كان "ROI" المتوقع للحملة مرتفعًا، فإن ذلك يشير إلى أن الإعلانات ستساهم في زيادة المبيعات وتحقيق أرباح إضافية.


  • مقارنة بين الاستثمارات:


يمكن استخدام "ROI" لمقارنة العائد على استثمارات مختلفة. حيث يمكن للمستثمرين استخدام هذا المؤشر لتقييم الأفضلية بين الخيارات المتاحة واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة. فعندما يكون لديك مشروعين أو أكثر للاستثمار، يمكن استخدام "ROI" لمقارنة العائد المتوقع من كل استثمار وتحديد الأفضل بينهما.

على سبيل المثال، فلنفترض أن لديك اثنين من الاستثمارات المحتملة. الاستثمار الأول يتطلب تكلفة إجمالية قدرها 100.000 دولار، ويولد صافي ربح سنوي قدره 20.000 دولار. الاستثمار الثاني يتطلب تكلفة إجمالية قدرها 150.000 دولار، ويولد صافي ربح سنوي قدره 30.000 دولار. في هذه الحالة، يمكن حساب ROI لكل استثمار على النحو التالي:

"ROI" للاستثمار الأول:

(20.000 / 100.000) * 100 = 20%

"ROI" للاستثمار الثاني:

(30.000 / 150.000) * 100 = 20%


وهكذا بالنظر إلى الأرقام، يمكن اعتبار الاستثمارين متساويين من حيث عائد الاستثمار بنسبة 20%. وبالتالي، يجب أن يتم اتخاذ العديد من العوامل الأخرى في الاعتبار قبل اتخاذ قرار الاستثمار النهائي، مثل مدة الاستثمار، مخاطر الاستثمار، وأهداف المستثمر.


  • رصد الأداء:


باستخدام "ROI" كمؤشر لقياس الأداء المالي، يمكن للشركات والمستثمرين تتبع أداء الاستثمارات على مدى الفترات الزمنية، وتحديد التغيرات في العائدات، وتقييم فعالية الاستراتيجيات المالية.


  • توجيه الاستراتيجية:


يساعد نظام العائد على توجيه الاستراتيجية الاستثمارية واتخاذ القرارات المستقبلية. من خلال مراقبة وتحليل عائد الاستثمارات السابقة، يمكن للشركات والمستثمرين تحديد الأنشطة أو الأصول التي تحقق أفضل عوائد على الاستثمار. قد تكون بعض القطاعات أو الصناعات أكثر ربحية وتقدم عائدات أعلى، بينما قد يكون لبعض الأصول تكلفة أعلى وعائد أقل. باستخدام مؤشر "ROI"، يمكن للشركات والمستثمرين توجيه استراتيجياتهم للتركيز على القطاعات أو الأصول ذات الأداء الجيد وتقليل الاستثمارات في تلك ذات الأداء المنخفض.


  • جذب المستثمرين:


يلعب نظام العائد دورًا هامًا في جذب المستثمرين والمشاركين الآخرين. عندما يكون لديك سِجل حافل بالعائدات الجيدة ونسب عائد مرتفعة، يصبح من الأسهل اقتناص اهتمام المستثمرين المحتملين وإقناعهم بأن استثماراتهم ستكون آمنة ومجدية.


كيف يمكن تعزيز العائد على الاستثمار؟


عندما يتعلق الأمر بزيادة عائد الاستثمار، هناك العديد من الاستراتيجيات والنصائح التي يمكن اتباعها، من بينها:


  • تنويع محفظة الاستثمار:


وهذا يعني أن تقوم بتوزيع استثماراتك على مجموعة متنوعة من الأصول المالية، مثل الأسهم والسلع والعقارات وغيرها. وذلك من أجل تقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمار وزيادة فرص العائد.

عندما تقوم بتنويع محفظتك، فإنك تضع بيضك في سلات متعددة بدلاً من سلة واحدة. إذا حدث تدهور في أداء إحدى الاستثمارات، فقد تعوضها استثمارات أخرى تحقق أداءً جيدًا في نفس الوقت. هذا يساعدك على تقليل المخاطر الكبيرة المرتبطة بالاعتماد على استثمار واحد فقط.


على سبيل المثال، إذا كانت لديك محفظة تحتوي على أسهم في شركة واحدة فقط، فإنك تتحمل مخاطر كبيرة إذا تأثرت هذه الشركة بأزمة مالية أو تحولات في السوق. ولكن إذا كان لديك أسهم في عدة شركات مختلفة في قطاعات مختلفة، فإن أداء سيء في إحدى الشركات قد يتعوض بأداء جيد في الشركات الأخرى.


لذلك، تنويع محفظتك يعتبر استراتيجية ذكية لزيادة عائد الاستثمار على المدى الطويل وتقليل المخاطر المحتملة.


  • البحث والتحليل:


قبل الاستثمار في أي فرصة، يجب أن تقوم بالبحث والتحليل الجيد. قم بدراسة الشركات والأسواق المحتملة، واستخدم البيانات والمعلومات المالية المتاحة. تعرّف على توقعات النمو والأداء المالي للشركات المستهدفة، وضع في اعتبارك العوامل الاقتصادية والسياسية التي قد تؤثر على استثماراتك.


  • التحكم في المخاطر:


عندما تستثمر، يجب أن تكون على استعداد لتحمل المخاطر. ومع ذلك، يجب أن تحاول تقليل المخاطر قدر الإمكان. يمكنك تحقيق ذلك من خلال توزيع استثماراتك على عدة فئات أصول مختلفة، وتحديد نسبة معينة للاستثمار في الأصول ذات المخاطرة العالية والمنخفضة. والقيام بكل الإجراءات التي من شأنها تحقيق التوازن بين العائد المرتقب والمخاطر المقبولة لك كمستثمر. عندما تتحكم في المخاطر، فإنك تعمل على حماية رأس المال وزيادة فرص تحقيق عوائد إيجابية في استثماراتك.


في النهاية، يمكن القول بأن الاستثمار بذكاء يتطلب العديد من العوامل والاعتبارات، والتعامل مع الأهداف الاستثمارية بمرونة من حيث توقع المخاطر المالية المحتملة، والتأني في انتظار النتائج على مدى فترة من الزمن حسب طبيعة المشروع. لذا، استثمر بحكمة واعتبر العائد على الاستثمار (ROI) جزءًا مهمًا من استراتيجيتك الاستثمارية لتحقيق النجاح المالي.

Image Modal

هل ساعدك هذا الموضوع؟

لم تستطع العثور على الإجابة التي تبحث عنها ؟ نحن هنا للمساعدة