ما يمكن أن يمنعك من البدء في تحقيق أفكارك ومشاريعك

رجوع

أعذار ومبررات قد تكبح الشخص عن الانطلاق في تنفيذ مشروعه



من منا لم تراوده أفكارا رائعة لعدة أمور مفيدة يمكن القيام بها، سواء تعلّق الأمر بأفكار مشاريع، أو أفكار قد تغير من واقع ما، أو تحل مشكلة معيّنة. لكن، غالبا ما لا نخطو الخطوة الأولى نحو البدء في العمل على تحقيق ذلك.

عند الحديث عن تنفيذ مشروع شخصي، يمكن أن تكون العقبات الداخلية هي الأكثر تحديًا من العوائق الخارجية. فقد تكون لدينا أفكارًا في غاية الأهمية وخططًا جيدة، ولكن يبدو أن هناك دائمًا أسبابا وأعذارا تكبحنا عن الانطلاق نحو تحقيقها. إذ يمكن للجميع الوصول إلى ما يسعون إليه إذا تجاوزوا ذلك التردد والشك، وبدأوا مباشرة في العمل على أهدافهم.


في هذا المقال، سنلقي نظرة على بعض هذه الأعذار والمبررات التي قد تمنع الأشخاص من البدء في تنفيذ مشاريعهم، وكيف يمكن التغلب عليها.



الخوف من الفشل


يمكن تصنيف الخوف من الفشل على رأس قائمة أكبر العوائق التي تمنع الكثير من الأشخاص من بدء مشاريعهم ومحاولة تطبيق أفكارهم. هناك دائما رهبة وخشية من أن يفشل الشخص فيما هو مقدم عليه، وينتابه ذلك التحسر قبل أوانه على ضياع الوقت والجهد في شيء لا يجدي نفعًا.


قد تمت مناقشة هذا الموضوع بتفصيل وعمق في العديد من الدراسات والمصادر، وهناك العديد من الكتب والمحاضرات التي حاولت معالجة هذا الإشكال من زوايا مختلفة، وتطرقت إليه بإسهاب من أجل التغلّب على هذا النوع من الخوف. حتى أنه أصبح يعرف بعدة مسميات "مرضية"، من قبيل:"رهاب الإخفاق"، و"فوبيا الفشل"، والأتيكيفوبيا (Atychiphobia)، وغيرها. 

يمكنك التعمّق في هذا الموضوع والاطلاع عليه بتفاصيل أكثر ــ إن كان يهمك ــ من المصادر المتخصّصة. لكن ما يهمنا هنا نحن، هو دفعك إلى التخلّص من ذلك التردّد، وتفادي الانغماس في الأفكار السلبية التي تجعلك تركّز على النتائج قبل التركيز على العمل ذاته.

يجب أن نفهم أنه من حقنا أن نفشل من حيث المبدأ، وأن الفشل هو جزء من مسار النجاح، ومن خلال تجارب الفشل يمكننا الارتقاء وتحسين مهاراتنا. 


إذا فتّشت في بدايات جل المشاريع الناجحة الآن، ستجد أنها تعرضت للعديد من مراحل الفشل، والعديد من المد والجزر في سلّم صعودها قبل أن تصبح على ما هي عليه حاليا.

و«لا يمكن لأي إنسان أن يزعمَ أنه لم يُخفق بشيء في حياته، وأنت لست استثناءً. دعك من هوس الكمال، أنت لم ولن تكون كاملاً. حتى أكثر الأشخاص نجاحاً لا ينكرون أنهم فشلوا، بل وفشلوا أكثر من غيرهم. لأنَّ فقط من يجرؤ على الفشل بقوة يستطيع أن ينجح بقوة. بل إن عدم الفشل هو مؤشرٌ سلبيٌ يدل على انعدام التجربة والسلبية والتقوقع بخمولٍ داخل نطاق الارتياح (comfort zone)». الجزيرة


في المقابل، وعلى عكس ما نحن بصدد ذكره، قد تستغرب إذا علمت أنّ ما يمنع آخرين من مباشرة العمل ليس الخوف من الفشل بل هو الخوف من النجاح (Achievement Phobia)! 

هذه الحالة شائعة إلى حد ما، وترتبط بشكل كبير بمستوى الثقة بالنفس لدى الأفراد، ومدى استعدادهم للتعرض للانتباه العام، ومدى استحضارهم لرهبة المجهر الذي سيكونون تحته إذا ما تحقّق هذا النجاح.


وللتغلب على هذا الخوف بشكل عام، يجب على الفرد العمل على بناء الثقة بالنفس، وتطوير استراتيجيات للتعامل مع الضغوط المرتبطة بالنجاح. كما يمكن أيضًا الاستفادة من الدعم الاجتماعي والمشورة للمساعدة في تجاوز هذه المخاوف. علينا أن ندرك أنه من الطبيعي أن يكون لدينا بعض القلق حيال أي شيء قبل أن نقوم به. 

من بين الأقوال المأثورة عن محمد علي كلاي، الملاكم الشهير، قوله: "اليوم الذي لا أشعر فيه بذلك القلق قبل المباراة، أخسرها".


نقص الثقة بالنفس


الثقة بالنفس هي أحد أهم العوامل التي توجّه أفكارنا نحو الإبداع والتميّز. وأيّ نقص قد يعتري هذا الجانب فينا، يفوّت علينا العديد من الفرص المذهلة والأفكار الرائعة.


نقص الثقة بالنفس في سياق عقبات البداية، هي تلك الحالة الي تجعل الفرد يشك في قدرته على تحقيق أهدافه والوصول إلى نقطة معيّنة من النجاح. يمكن أن ينشأ هذا النقص من تجارب سلبية في الماضي، أو من التوقّعات السلبية بشأن المستقبل. لذلك، يتساءل الكثيرون عما إذا كانوا مؤهلين لمواجهة التحديات والمضي قدماً نحو تحقيق أحلامهم. 

ومع ذلك، يجب أن نتفهّم أن الثقة بالنفس ليست صفة ثابتة وغير قابلة للتغيير، بل يمكن بناءها وتعزيزها مع مرور الوقت، كما يمكن البدء بخطوات صغيرة وزيادة الثقة تدريجيًا. ولتحقيق ذلك بشكل مرن، أنجز الأشياء الصغيرة أولا. فالنجاح في نهاية المطاف ما هو إلا تسلسل من الخطوات الصغيرة نحو هدف أكبر، وتحقيق الأهداف الكبيرة يبدأ بإتقان الأمور الصغيرة. فقط لا تستعجل النتائج.


عدم وجود وقت كافٍ


يُعتبر "عدم توفر وقت كافٍ" واحدًا من أكثر المبررات شيوعًا التي تمنع الناس من تحقيق أحلامهم وتحويل أفكارهم إلى واقع. ومع ذلك، يمكن تخصيص بعض الوقت يوميًا أو أسبوعيًا للعمل على المشروع بشكل تدريجي، فحتى الجهد الصغير يمكن أن يحقق تقدمًا كبيرًا بمرور الوقت.


وللتغلب على هذا المبرر حاول تبني مثل هذه الاستراتيجيات:

 

  • تحديد الأولويات: حدد مشروعك أو فكرتك الرئيسية وجعلها أولوية. قد تحتاج إلى تقليل بعض الالتزامات اليومية أو تنظيم وقتك بفعالية. لكن طالما لم تجعل فكرتك أو مشروعك أولوية، فلن تقوم بالخطوات الأولى نحو تنفيذه.


  • استغلال الأوقات الفاصلة: تستطيع العمل على مشروعك في الأوقات الفاصلة خلال اليوم، مثل الوقت بين الاجتماعات أو أثناء الانتظار. على الأقل، يمكنك في هذا الوقت المهدور القيام ولو بجزء بسيط من خطة العمل أو إجراء بعض الاتصالات أو إضافة أي .. أو إعادة ترتيب المهام أو التفكير في تحسين الفكرة وتعزيزها وهكذا…


  • تخصيص وقت ثابت في الأسبوع: احجز وقتًا ثابتًا في الأسبوع للعمل على مشروعك، سواء كان ذلك في الصباح الباكر أو في وقت متأخر من الليل فهذا الموضوع يجدي نفعا دائما في التقدم ولو ببطء نحو الهدف.


  • التعاون / الشراكات وتفويض الأعمال: إذا كنت مشغولًا جدا بأعمال أخرى أو كان هناك ضغط الأسرة، فاستفد من مهارات الآخرين وحاول تفويض بعض المهام لتوفير وقت لمشروعك.


لكن عموما، لنكن واضحين في هذا الأمر، "عدم توفر وقت كافٍ" ليس عذرًا قويًا لعدم تحقيق أهدافك. لأنه من خلال التخطيط والتنظيم وتوجيه الجهود نحو أولوياتك، يمكنك تجاوز هذا المبرر وبدء تنفيذ الأفكار والمشاريع التي تسعى إليها. وتذكر أن التعذّر بالوقت هو مبرّر يحجب الإبداع والتنفيذ.


انتظار الظروف المثالية


بعض الأشخاص يعتقدون أنه يجب أن تكون الظروف مثالية تماما للبدء في المشروع، مثل وجود ميزانية كبيرة أو الحصول على كل المهارات اللازمة وغيرها. الشيء الذي يؤدي إلى تأجيل مسترسل غير محدد. 

 والواقع، جل رواد الأعمال أطلقوا مشاريعهم في ظروف أقل بكثير من أن توصف بالجيدة أو المثالية، فيما بعضهم انطلقوا من ظروف سيئة واستطاعوا تجاوز التحديات وتحقيق النجاح.


وتكاد لا تحصي الأمثلة والنماذج لشركات وأشخاص انطلقوا من بدايات لا تبشّر بتاتا بوضعهم الراهن الآن. نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

ــ جاك ما (Jack Ma): مؤسس شركة Alibaba، بدأ حياته المهنية كمدرّس للإنجليزية في الصين. واجه العديد من الصعوبات المالية والتحديات قبل أن يؤسس Alibaba، والتي أصبحت واحدة من أكبر الشركات التجارية الإلكترونية في العالم.


ــ أوبر (Uber): شركة أوبر بدأت كفكرة بسيطة لركوب السيارات مشاركةً بين الأصدقاء. بدأ مؤسسو أوبر، ترافيس كالانيك وغاري كرينيك، الشركة في ظروف اقتصادية صعبة ومواجهة تحديات قانونية كبيرة قبل أن تنمو وتصبح واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم.


ــ مايكروسوفت (Microsoft): بدأ بيل غيتس وبول ألين شركتهما في مجال البرمجيات والحواسيب الشخصية في غرفة صغيرة بمدينة ألباكركي في ولاية نيو مكسيكو. واجهوا العديد من التحديات والصعوبات قبل أن تنمو Microsoft لتصبح واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم.


ــ واتساب (WhatsApp): بدأ جان كوم وبرايان آكتون تطوير تطبيق WhatsApp للمراسلة عبر الهواتف الذكية في ظروف مالية صعبة. رغم المنافسة الشديدة في مجال التطبيقات المماثلة، نجح WhatsApp في أن يصبح واحداً من أشهر تطبيقات المراسلة في العالم.


ويمكنك العثور على العديد من مثل هذه النماذج في هذا السياق للاستلهام، وللتأكد أنه لا الظروف المواتية ولا رأس المال هو ما تحتاجه للبدء. ما تحتاجه حقا هو تطوير مهاراتك وإمكاناتك لتكون قادرا على الاستمرار وإكمال مشارك بنجاح.


وفقًا لتقرير أورده موقع الجزيرة في مقال بعنوان يمكنك البدء من الصفر، ذكر أن الكاتب "إيفان فاسكيز إسلاس" يرى أنه يمكنك أن تكون رائد أعمال حتى إذا كنت تواجه صعوبة في توفير الرأس مال الكافي. يمكنك بدء مشروعك بمبلغ صغير أو حتى بدون رأس مال، ولكن ستحتاج إلى مهارات وإمكانيات معينة لتحقيق طموحك.


الانشغال بالتفكير والتخطيط الزائد


قد تكون الرغبة في تحقيق الكمال والتأكد من أن كل شيء معد بدقة هي عوامل تجعلك تنفق وقتاً طويلاً في التخطيط والتفكير. في الوقت نفسه، يجب عليك أن تدرك أنه لا يمكن تجنب الأخطاء تماماً، وأن التعلم منها هو جزء من العملية.


هناك الكثير من المتخصصين والكتاب تطرقوا لهذا الموضوع باستفاضة، وطرحوا عدة حلول واستراتيجيات يمكنك الوصول إليها بسهولة عبر بحث بسيط في الموضوع، لكن ما نود أن نوصي به هنا، هو تبني مبدأ البساطة أولا في تعاملك مع تنفيذ الخطط


لا تبدأ بالتفكير في كل التفاصيل والجوانب المعقدة. بدلاً من ذلك، ابدأ بأبسط خطوة يمكنك أخذها نحو تحقيق هدفك. ستجد أن البدء يسهّل الأمور.


إذا كنت ترغب في بدء عملك الخاص، ابدأ بإنشاء موقع ويب بسيط أو متجر إلكتروني لعرض منتجاتك أو خدماتك. لا تنتظر حتى تكون لديك جميع التفاصيل المثالية.


إذا كنت تخطط لكتابة كتاب، ابدأ بكتابة الصفحة الأولى دون الاهتمام بتنسيق الصفحة والأخطاء الإملائية وما إلى ذلك.

هناك مقولة جميلة مشهورة تقول: "فقط ابدأ السعي وسييسر الله لك السُبل".


اقرأ أيضا:

كيف تبدأ مشروعًا تجاريًا عبر الإنترنت في 10 خطوات


وهناك الكثير غيرها من المبررات التي قد تثبط من عزيمة أي شخص يحاول بدء مشروع ما. لهذا من المهم أن ندرك أن هذه الأعذار والمبررات ليست سوى عقبات مؤقتة يمكن التغلب عليها عندما نخطو الخطوة الأولى ثم التي تليها، ونستمر في فعل ذلك بعزيمة وإصرار.


بالتوفيق


Image Modal

هل ساعدك هذا الموضوع؟

لم تستطع العثور على الإجابة التي تبحث عنها ؟ نحن هنا للمساعدة